*

هذه هي اللحظة المناسبة للتفاوض مع الظلام ، وهذا هراء بالطبع فلا أعرف متى
هي اللحظة المناسبة ، بيد أنَّ حاجةَ اختيار اللحظة تأتي بعبثية صرفة فتجعلها
مناسبةً، غصباً. التفاوض مع الظلمة أمرٌ لا مفرَّ منه قبل إغماض عينيك في دعوةٍ
مفتوحة للرفيق القلق . تفتح الباب قليلا ليتفضل دون حرج ، تتحاشى النظر
إليه لسوابق مخجلة بينك و بينه تدفعه للفرار متى التقت عيناكما . يدخل أو
أنك تتوهم دخوله كضيف في حفلة أغراب يتخذ زاوية و يرتقب بصمت ، وقوفه اللا
مبالي يُخيَّل لك أنه لا يلتفت لكلِّ صغيرة تحدث؛ عصرات
قلبك ، هروب و انحباس أنفاسك ، نفرة الخيل في إسطبل ذهنك ، قبضة عضلات
ظنبوب رجلك اليسرى ، انتحابات عرق النسا ، انهيار سياق القصيدة في بالك ،
ترددات شهوتك . كلهم يحدثون ، وهو في انتباهة سحليَّة . فقط منتبه و يراقب
شخصاً لا يكاد ينهي كوباً إلا أردفه بآخر . متأكد أن الشخصين يعرفان بعضهما
جيدا ، معرفة من يجتمعان في مكان واحد بدون تخطيط لكن الخطة تنفذ بينهما
كما تفعل حربة قدر مطرورة. و( قمت آتهايق) مثل محمد بن مسلم في سوق
الثلاثا حتى أرى جيدا .《 مرحبا》 حيَّى بلا كلفة بينكما على عكس صويحبك
الأول . يعرفك و تعرفه و لا أحقاد بينكما . فترد التحية كما ردَّ الجواهري 《
مرحباً . يا أيها الأرقُ 》
اللوحة للرسام الأمريكي إدوارد هوبر ١٩٤٢
Comments
Post a Comment