Skip to main content

أنا الظمأُ المنسيُّ

آتيه يطفح في ثغري الظمأ

أنا الظمأُ المنسيُّ .. للحسين ..

أتيتكَ مذبوحَ اللحونِ فأحيِني
أوافيكَ مجنوناً فزِدْ في تَجَنُّني

أنا آخِرُ الصَرعَى بعَرصَةِ كربلا
فخذنيَ منِّي إنَّني لا أريدُني

أنا الوَلدُ المَرميُّ في ضَيعةِ الرؤى
وأحْراشِ ظَلماءِ النَوى .. أذكرتَني ؟

أنا صَاحِبُ الصوتِ البَعيدِ ندائُهُ
( تَهدَّجَ ) وقد بُحَّ بالشكوى ، تُراكَ نسيتَني ؟

أنا ذلكَ الموهُومُ في زَيفِ نفسِهِ
تَرَكتُ بقاياي التي ..وتَركتُني !

أنا النَاقةُ العَجْفاءُ لم أدْرِ ما الذي
حملتُ ولا أدري إلى أينَ مَوطِني

أنا الظَمَأُ المنْسِيُّ في الطَفِّ بَاكياً
تَنَسُّكَهُ في مُصْرَعِينَ وضُعَّنِ

أنا .. من أنا ؟ لا شيءَ لولا أضَالعٌ
بقلبٍ تَنَاهى في مَدى الحُبِّ مؤمنِ

تكبدتُ أقْصَى الأرضِ أعبُرُ طولَها
إليكَ بأقْصى ما يُحاولُ مُمكِنِي

فألفَيتُني حيثُ الملائك حوَّمٌ
يُؤدُّونَ أشواقَ السما بِتمعُّنِ

فألقيت آمالي وآلام مهجتي
إلى حيثُ ألقى رحلَهُ كلُّ مُوقِنِ

وقد غبتُ عنِّي لا جهاتَ تدلُّني
وحين اهتَدَى قَلبي إليكَ وجدتُني ..!
..
لماذا وعندي ألفُ ألفِ حكايةٍ
مزوَّقةٍ في لوحِ حسِّي الملوَّنِ

إذا وقفت أطيارُها كي أزُفَّها
تَلاشَت تَلاشِ الشَكِّ بعد تَيَقُنِ ؟

كمن بالأغاني قد تديَّنَ قلبُهُ
ولكنَّ ثغراً منهُ لم يتدَيَّنِ

ولمَّا تَغشَّتْنِي حُميَّاكَ أعْشَبتْ
ضلوعي وصلَّى النورُ في سرِّ معدني

فذبْنا معاً وانداحَ مليونُ عالمٍ
بلا لغةٍ إلا أحاسيسُ فُتَّنِ

سُقيتُ بها حَدَّ الغيابِ فمالَ بي
وجودي إلى ظلٍ لديكَ يُقيلني ..!
.
حَنانيكَ إنِّي في زمانٍ يُريبُني
فيا ليتني لما قُتلتَ أخذتَني

إلى أينَ أمضي والدروبُ حفائرٌ
أحاولُ أن أجتازَها فتجرُّني

ولم أنْتبهْ أنَّ المصابيحَ في يدي
تشرَّبْنَ زَيتَ الليلِ حتى تُضلَّني ..!

وأنَّ دثاري بالمحبَّةِ لم يَكنْ
ليَسترَ عن كرهٍ على شَكْلِ أعيـُنِ

كأنَّكَ لم ترفعْ حساماً يقيمُها
على نَهجِ ذاتِ الحُبِّ بعدَ التَضغُّنِ

فثُرتَ على التاريخ تَفتضُّ عتمةً
تضيء به الإنسان من كلِّ مَكمنِ

فإن تزدِ الدنيا دخاناً تزدْ بها
بخوراً وتَفتحْ أفقَها وتُزيِّنِ

ولكنَّهم كانوا وراكَ تخندَقوا
بليلٍ طويلٍ يطعنُ الشمس مُفتِنِ

يغطِّي سماءاً قد كشَفتَ رحابَها
وفي الأرضِ قد صالوا على دربِكَ السَنِي

أمانَكَ من هذا .. أمانَك إنَّني
هربتُ من الدنيا إليك فضُمَّنِي

كربلاء
في السادس من يناير عام ٢٠١٣

Comments

Popular posts from this blog

عن تجربةِ الرجلِ المُعلِّقِ في الهواء ! لإبن سينا

         لا أظن أن أي تجربةٍ فلسفيةٍ ذهنيةٍ نالت من الشهرة ما نالته تجربة رينيه ديكارت المشهورة بالكوجيتو " أنا أفكر ، إذن أنا موجود ". و في هذه التجربة سعى ديكارت من خلالها أن يؤسس لمبدأ غير قابل للدحض أو الشك فيه حتى يكون منطلقاً للتعرف على الوجود من الذات التي لا سبيل إلى نكرانها مهما حذق السفسطائي في التشكيك . لكن هناك تجربةً ذهنية ليست بشهرة تجربة ديكارت وهي تجربة طرحها الشيخ الرئيس ابن سينا المعروفة ببرهان الرجل المعلق في الهواء أو الرجل الطائر.      يُروى أن ابن سينا كان جالساً في سدة درسه وطرح هذه المسألة لطلابه قائلا: لو أنك خلقتَ دفعةً واحدةً و جُردت من المحسوسات والمعقولات بحيث أعضائك وأطرافك لا سبيل إلى تماسها مع أجزائها وكنت معلقاً في الهواء وقد غفلت عن سائر أعضائك فلا تستطيع إبصارها آنذاك، فإنك بلا شكٍ لا تغفل عن ذاتك نفسها.        الإختلاف هنا بين تجربة ديكارت وتجربة ابن سينا يتركز بدايةً في الغاية من كل تجربة على حدى . فغاية ديكارت محصورة  في النظرية المع...

الكلام في مقولة ديكارت الفلسفية .

  الكلام في مقولة ديكارت الفلسفية وغيره . هاتان التعليقتان كانتا ثمرة نقاش ثري في تويتر بين الأستاذ شايع الوقيان  والأستاذ سليمان السلطان والأستاذ أمين الغافلي وكاتب هذه السطور . ولمطالعة الحوار فقد حفظت التغريدات على شكل storify في هذا الرابط .   http://storify.com/Sdqalnemer/story?utm_source=t.co&utm_content=storify-pingback&utm_campaign=&awesm=sfy.co_r9V4&utm_medium=sfy.co-twitter وقد آثرت أن تكون محفوظة في المدونة فقد نعود للإضافة عليها لاحقاً . ثلاث تعليقات نقدية على واقعية الطباطبائي فيما يتعلق بنقد الكوجيتو الديكارتي ستكون آراء المؤلف محمد حسين الطباطبائي ، والذي يشاركه مرتضى مطهري في التأليف من خلال التعليق ، باللون الأحمر. الكتاب المذكور هو " أصول الفلسفة والمنهج الواقعي" .. مع جزيل الشكر لصادق النمر الذي دلنا على الكتاب الذي يستحق القراءة لما فيه من بسط واضح ودقيق للأفكار الفلسفية مع نقد تحليلي عميق لها. والكتاب من أربع عشرة مقالة في مجلدين. التعليق الأول: في المقالة السابعة ، المجلد الثاني، ...

المحاورة بالحيلة ، عن الأغاليط المنطقية .

المحاورة بالحيلة ، كُتَيبٌ مُصوَّرٌعن الأغاليط المنطقية ، ترجمته مؤخراً . تجدونه على هذا الرابط :   https://bookofbadarguments.com/ar/ " و تظهر أهمية هذه المغالطات والجهد المبذول من المدرسة الفلسفية الغربية في تسمية هذه المغالطات أنها تختصر على الفرد الراغب في الإطلاع على المنطق بشكل عام أن يخرج وهو محمل بأثمارٍ يستطيع فوراً استخدامها ، ولا نعني بهذا أن الكتب العربية المدونة في المنطق قد تجاهلت هذا ولكنها في مجملها لم تركز على تسمية أغاليط الحجاج بل قللت من قيمة المجادل من حيثُ هو مجادل ومن باب أن المراء مذموم ، فأخرت فصول الجدل والخطابة والشعر في آخر مصنفاتها المنطقية بعد القضايا والأقيسة ، لأنَّ من يتمرس فيما سبق من القضايا والأقيسة فسوف لن يحتاج للتركيز على الجدل والخطابة إذ ستغدو تحصيلَ حاصلٍ وإن كانوا عَدَّوها من الفنون التي يستعملها السفسطائيون . " - من مقدمة الترجمة ..